الأحد، 19 أغسطس 2007

"شاهد ما شافش حاجة" في الجلسة الخامسة للمحكمة العسكرية











فجَّرت جلسة اليوم لمحاكمة 40 من قيادات الإخوان المسلمين أمام المحكمة العسكرية مفاجأةً مذهلةً؛ حيث لم يتمكن شاهد الإثبات الوحيد الرائد عاطف الحسيني- وهو نفسه ضابط أمن الدولة الذي قام بالتحريات ضد 32 من الإخوان في عدة محافظات- من إثبات صدْق تحرياته، بل إنه دخل إلى القاعة وهو يحمل "أجندة" وكمًّا من الأوراق، وبدأ يتصفَّحها ويقرأ منها أثناء الإدلاء بشهادته، وهو ما اعترضت عليه هيئة الدفاع، وطالبت بإخراج هذه الأوراق من القاعة، إلا أن المحكمة لم تستجب لطلبها، وسمحت للشاهد بالاستعانة بها في أقواله؛ مما أثار حفيظة أحد المحامين، والذي أكد أن الغرض من مناقشة المحكمة للشاهد ليس في سؤاله عن معلوماتٍ مكتوبةٍ بأوراقه، وإنما التأكد من صدقه، والتحقق من أمانته، وهو ما سيتكشَّف إذا قامت المحكمة بسؤاله مباشرةً، والردّ عليها بشكل مباشر، فإذا كان غير أمين تضاربت أقواله.








ثم بدأ الحسيني في الإدلاء بشهادته، واستمر لمدة ساعة كاملة (بدون مقاطعة من المحكمة) في سردِ اتهامات غير محدَّدة للمتهمين، من قبيل إحياء نشاط جماعة محظورة، ونشْر فكرها، والسعي لإزاحة النظام القائم تحت زعم إقامة نظام إسلامي، وكان الإخوان "المتهمون" ينصتون باهتمام لما يقول.

واقتصرت أسئلة القاضي مع الشاهد على سؤالَين، أولهما: متى بدأتَ في القيام بتحرياتك عن المتهمين؟ فأجاب: قبل 6 أو 7 شهور من إلقاء القبض عليهم.. أما السؤال الثاني فكان: هل قمتَ بهذه التحريات بمفردك؟ وكانت الإجابة بنعم!!

وهنا سَرَت همْهَمَات الاعتراض بين الحاضرين بالتعجُّب من قدرة هذا الضابط الذي أطلق عليه البعض "السوبر مان" من التحرِّي عن 32 شخصًا في محافظات مختلفة بمفرده!!




ثم سمح القاضي للدفاع باستجواب الشاهد، وهو الاستجواب الذي اقتصر على سؤال واحد وجَّهه له د. عبد الرؤوف مهدي، والذي طلب من الشاهد أن يحدِّد مصادر التمويل الخارجي التي وردت للمتهمين.

فبدا التردُّد والارتباك على الحسيني، ولجأ إلى الكلمات العائمة من قبيل هو "تنظيم سري.. تحركاته محلّ متابعة من الأجهزة الرسمية المعنية.. تنظيم ينشط ويكمن.. عبارة عن خلايا عنقودية.. مصادرنا الموثوق بها في الخارج".

إلا أنه وسط هذه التهويمات طالبه الدفاع بإجابة واضحة ومحدَّدة، فقال: هناك معلومات مؤكدة أن الأموال تأتي من الخارج للإنفاق على أنشطة الجماعة الدعوية عن طريق يوسف ندا، ومن خلال مبعوث خاصّ من يوسف ندا، اجتمع مع المهندس خيرت الشاطر اجتماعًا تنظيميًّا، فسأل الدفاع عن اسم هذا المبعوث؟ فقال إن اسمه "زكريا محرز".

وهنا هبَّ المهندس الشاطر واقفًا، وطالب القاضي بتسجيل الاسم الذي ذكره الشاهد، وهو الاسم الذي يسمعه الجميع لأول مرة، ولم يرِدْ في تحريات أو محاضر، ولم يسمع به المتهمون أو الدفاع من قبل.




وقال الشاطر: معنى أن يذكر الشاهد هذا الاسم المجهول "أنه مش عارف حاجة"!! وهنا فاجأت المحكمة الجميع بقرارها بتأجيل الجلسة إلى يوم الثلاثاء 21/8/2007م، أي بعد يومين فقط، وهو ما أنقذ الشاهد من تخبُّطاته، وأثار اعتراض الأهالي والمحامين والمعتقلين أنفسهم؛ بسبب المشقة التي يعانون منها في كل جلسة، وأكثرهم متقدمون في العمر، وأسرهم تأتي من محافظات مصر المختلفة.

وعقب قيام القضاة من مقاعدهم وخروج الشاهد في أثرهم انطلقت خلفهم الدعوات: "حسبنا الله ونعم الوكيل".

وأكد عبد المنعم عبد المقصود- محامي الإخوان لـ(إخوان أون لاين)- أن سماح المحكمة للشاهد باستخدام أوراق أثناء الإدلاء بشهادته هو أمرٌ غيرُ مسبوق، ووصف ما يجري بأنه استكمال لفصول مسرحية مُعَدَّة مسبقًا، وأن كل الإجراءات عبارة عن هزل، مشيرًا إلى أننا لا ينبغي أن نتوقَّع من محاكمة قائمة من الأساس على الخطأ أن تكون إجراءاتها صحيحة.



على هامش الجلسة

- في وقت أذان الظهر صدح صوت المهندس أحمد النحاس بالأذان بصوت شجيٍّ، ثم صلى الجميع داخل الأقفاص وخارجها الظهر والعصر جمعًا، ثم بعد الصلاة كان الدعاء مطوَّلاً على الظالمين وأعوانهم وعلى شاهد الزور ألا يهنأ لهم بالٌ، أو يطيب لهم مرقدٌ، وأن يُحرَموا من أبنائهم كما حَرَموا الإخوان ظلمًا من أبنائهم، وأن يُحسِن الله خاتمتنا جميعًا، ويتقبلنا في الصالحين، ويرزقنا شهادةً في سبيله يرضاها.




ليست هناك تعليقات: