السبت، 27 يناير 2007

تعديل المادة (88) عودة لتزوير الانتخابات بواسطة الشرطة والموظفين

بقلم: د. حمدي حسن*

أوضحت رغبة الاقتراح الرئاسي للتعديلات الدستورية بخصوص المادة 88 حرصَها على أهمية نزاهة الانتخابات وكفاءة إجراءاتها، كما حرصت على أهمية وضع الضمانات التي تكفل حسن التعبير عن الإرادة الشعبية وتمكين أكبر عددٍ من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم, وتوفير إشراف محايد ومستقل عليها، مع إجرائها في يومٍ واحد؛ لمواجهة التزايد المضطرد لأعداد الناخبين؛ مما يفترض معه زيادة أعداد اللجان الانتخابية.



كلمات جميلة وأهداف عظيمة غير أنَّ نظرةً إلى الواقع تُكذِّب ذلك كله..!!

فنزاهة الانتخابات التي ترغب الاقتراحات فيها لن تتم إلا عن طريق الإشراف القضائي الكامل عليها وفقًا لما تبيَّن من الانتخابات السابقة كلها؛ حيث إنَّ الانتخابات النزيهة فعلاً هي التي تمَّ إجراؤها وفقًا لمبدأ "قاضٍ لكل صندوق"، وإن التجاوزات التي حدثت في نزاهة النتيجة كانت من عددٍ قليلٍ جدًّا من قضاةٍ تمَّت محاسبتهم عن طريق القضاة أنفسهم، وأعتقد أنه إذا استمرَّت هذه الوسيلة لن يجرؤ قاضٍ واحد على التجاوز عند إعلان النتائج.



إنَّ الضمانات المطلوبة لكفالة صحة التعبير عن الإرادة الشعبية وتمكين الناخبين من الإدلاءِ بأصواتهم وتوفير إشرافٍ محايدٍ ومستقل تتطلب أن يمتد الإشراف القضائي ليشمل العملية الانتخابية كلها وليس أثناء التصويت فقط، وتتطلب أن يتم الإشراف على الكشوف الانتخابية مع اعتماد بطاقة الرقم القومي فقط وإهدار ما سواها، وأن تتلقى طلبات الترشيح والحصول على الرقم والرمز الانتخابي بشفافية حقيقية، إضافةً لإعطاء القضاة حق الإشراف على خارج اللجان بحيث تمنع أجهزة الأمن من حجز المواطنين ومنعهم من الإدلاء بأصواتهم كما شاهدنا جميعًا في الانتخابات الماضية.



بغير هذا، فالحالة المصرية الفريدة لن تسمح أبدًا بأي انتخاباتٍ حقيقية وشفافة، وإذا كان الاقتراح الرئاسي يقرُّ بزيادة أعداد الناخبين، وبالتالي زيادة اللجان فإنَّ مراجعةَ الكشوف واستخدام الرقم القومي سيقرر الأعداد الحقيقية للناخبين بدلاً مما هو موجود حاليًا من أسماء وهمية غير حقيقية أو مكررة بغرض التزوير!! بل إن زيادة الأعداد تتطلب إجراء الانتخابات على عدة أيام وعلى مراحل ويتناقض تمامًا مع الرغبة في إجرائها في يومٍ واحد.



إن الرغبةَ في إجراء الانتخابات في يومٍ واحد (وهو السبب الرئيسي الذي اعتمدت عليه المحكمة الدستورية العليا في حكمها الذي أقرَّ مبدأ قاضٍ لكل صندوق والذي تحاربه التعديلات المطروحة) لتعود بنا إلى حيث كانت الصناديق تُملأ عن آخرها نيابةً عن المواطنين لتأتي بمَن يُريده الحزب والنظام رغمًا عن إرادة الشعب.



إن تمرير هذا التعديل بهذا النص يسقط كل الأقنعة التي تطالب بإصلاح أو ديمقراطية أو تدعي الرغبة في انتخابات نزيهة تُعبِّر عن الإرادة الشعبية الحقيقية، وسيدفع الشعب المصري الثمن غاليًا بالعودة إلى السلبية من جديد حين يرى أنه لا قيمةَ لتصويته ولا إرادته، كما أنها ستؤثر سلبًا على الاقتصاد والاستثمار؛ حيث الواقع يدفع مَن يريد الاستثمار ليستثمر أمواله في بلدٍ ديمقراطي حقيقي يحترم إرادة الشعب وليس في بلد تزور فيه الانتخابات وتهدر فيه حقوق الإنسان..



وأخيرًا يبقي السؤال:

هل تغيير نظام قاضٍ لكل صندوق سيحقق النزاهة ويؤكد الكفاءة ويضمن الحيادية؟
هل الاستغناء عن حماية القاضي للصندوق هو الضمانة التي تكفل حسن التعبير عن الإرادة الشعبية؟



------------

* المتحدث الإعلامي للكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين.

ليست هناك تعليقات: