الثلاثاء، 8 مايو 2007

الشعار والناس



د. رفيق حبيب : بتاريخ 7 - 5 - 2007
المعركة حول شعار الإسلام هو الحل، تدور بين النظام الحاكم من جانب وجماعة الإخوان المسلمين من الجانب الآخر. كما أنها تدور بين النخب العلمانية وجماعة الإخوان. والنظام يهدف في النهاية إلى حصار تيار يمثل بديلا سياسيا وله قبول في الشارع المصري، ولأنه نظام مستبد، لذلك لا يريد أي منافسة سياسية حرة، ولا يقبل أن يكون الاحتكام للأمة بوصفها مصدر السلطات. والنخب العلمانية لديها مشروع سياسي مغاير، ومستمد من التجارب السياسية الغربية، لذلك فهي تريد حصار المشاريع السياسية المستمدة من المرجعية الحضارية للأمة، لأنها مشاريع لها جاذبية شعبية. والنخب العلمانية تعلم أنها غير قادرة على الأقل الآن على منافسة التيارات الإسلامية، لذلك تعمل على عزل هذه التيارات سياسيا، تحت دعوى أن فكرها وشعاراتها تؤدي إلى النزاع الديني. لذلك فالمعركة حول الشعار بين جماعة الإخوان والنخب الحاكمة والنخب العلمانية، هي في الواقع معركة حول دور الأمة كمصدر للسلطات. فموقف النظام والنخب العلمانية من الشعار، ليس موقفا ديمقراطيا في الأساس، بل هو موقف استبدادي. ولكن المبررات التي تساق من أجل حصار الشعار، والتي يرددها الإعلام، تدور في الواقع حول فرضية وجود آثار سلبية لاستخدام هذا الشعار في التنافس السياسي المباشر، وليس في العمل الديني أو الدعوي أو الاجتماعي. بمعنى أن هناك فرضا بأن هذا الشعار قد يؤدي إلى آثار سلبية على بعض فئات المجتمع. وهنا علينا النظر في معنى الشعار ودلالاته بين الناس، ونتساءل عن كيفية استقبال فئات الجماعة المصرية المختلفة لهذا الشعار، ونتساءل أيضا عن المعنى الذي يصل للناس من استخدام الشعار مقارنة بالمعنى الذي تقصده جماعة الإخوان. وأظن أن هذا الجانب هو الجانب الأهم، فأي حركة سياسية جادة تخاطب الناس وتريد كسب المؤيدين لمشروعها، لذلك يصبح المقصود من شعاراتها هو جذب الناس، فهل نجح شعار الإسلام هو الحل في توصيل رؤية الإخوان، وفي جذب الناس؟أتصور أن هناك عددا من ردود الأفعال المختلفة حول شعار الإسلام هو الحل بين فئات المجتمع المصري. هناك أولا: الموقف المتفهم للشعار، والذي يعرف معناه بالفطرة، ويرى أنه يعني الاستناد إلى مرجعية الإسلام في مختلف جوانب الحياة، لأن تطبيق قيم الإسلام في الحياة، تمثل المخرج من حالة التراجع والتخلف، وأن تلك القيم هي المنقذ من الاستبداد والفساد. وهذه الفئة تريد تغيير مرجعية الحكم، بأن تجعل الحاكم ملتزما بالقيم والمبادئ والأحكام التي أقرها الإسلام، وترى أن ذلك شرطا ضروريا لأي نظام حاكم. وهنا نجد تأييدا لفكرة الإسلام دين ودولة، وعقيدة وشريعة. وكأن المؤيدين للشعار، يؤيدوا المبدأ الذي قامت عليه جماعة الإخوان المسلمين. وهذا التأييد في تصورنا هو دعوة لتعديل المرجعية العامة للنظام السياسي، لتتوافق مع مرجعية الأمة الدينية والحضارية.ثانيا: سنجد من يرى أن هذا الشعار يعني احتكار الجماعة للحديث باسم الإسلام، وأنها الوحيدة التي تحمل المشروع الإسلامي. لأنها في عملية التنافس السياسي ترفع شعار الإسلام في مواجهة منافس آخر، مما يعني ضمنا أن التيار أو الحزب المنافس لها، لا يحمل رؤية صحيحة عن الإسلام، وأن أفكاره ليست تطبيقا للإسلام، بل ربما تكون خروجا عنه. وثالثا: سنجد منافسا مسلما يقف أمام مرشح الجماعة، وقد يكون مستقلا، وربما يؤمن أيضا بأن الإسلام دين ودولة، ويصبح في موقف حرج، وكأن عليه إثبات إيمانه بالمرجعية الإسلامية، أو كأن شعار الجماعة يمثل اتهاما ضمنيا له بأنه لا يؤمن بالإسلام دين ودولة، أو كأن عليه إذا أمن بأن الإسلام دين ودولة أن يؤيد الجماعة ولا ينافسها. ورابعا: سنجد نموذجا آخر، للناخب المسيحي، والذي سيرى أن الشعار ينتمي لعقيدة مختلفة عن عقيدته، ولذلك سيرى أنه غير موجه له، وعليه يتوقع إذا وصل أصحاب هذا الشعار للحكم، بأن يصبح المسيحي خارج إطار الحكم، لأنه أصبح مختلفا عن العقيدة الدينية لنظام الحكم. يضاف لذلك ما يراه المسيحي من أن ذلك يعني تراجع حقوقه ومكانته. ويضاف لذلك المرشح القبطي، الذي يقف أمام مرشح من الإخوان يرفع شعار الإسلام هو الحل، فموقفه في الواقع محرج، فقد يبدو وكأنه ضد الإسلام، وقد يرى الناخب أن عليه الاختيار بين مؤمن وكافر. وتلك معاني تجعل التنافس السياسي، وكأنه تنافس أو نزاع ديني، ففي مجملها تدور حول جعل العقيدة طرفا في التنافس السياسي. والحقيقة أن جماعة الإخوان لا تدعي العصمة، ولا تدعي أنها تحتكر فهم الإسلام، ولا تحكم على الآخرين بالكفر، مهما كانت رؤيتهم السياسية أو الدينية. كما أن الجماعة ترى أن الإسلام الحضاري، أو الشريعة الإسلامية كمنهج سياسي، تمثل إطارا حضاريا وثقافيا لكل الأمة، المسلم وغير المسلم. وهي بهذا تنادي الأمة كلها وتوجه خطابها للجميع، بالتمسك بالإطار الحضاري الإسلامي، ومرجعية الشريعة الإسلامية، والشريعة في الواقع تمثل مدرسة من مدارس الفقه القانوني والدستوري والسياسي، أي أنها أحد مدارس السياسة، ومذاهب القانون. وهنا نسأل، هل استطاع شعار الإسلام هو الحل توصيل رسالة الجماعة، أم أن المعاني السلبية غير المقصودة تصل للناس؟ الواقع يؤكد أن المعنى المقصود بالشعار يصل لفئة من الناس، والمعنى غير المقصود يصل لفئة أخرى، ولا نستطيع تحديد حجم كل فئة. لهذا نرى أن على الجماعة واجب توصيل رسالتها الصحيحة لكل فئات المجتمع، خاصة الفئة التي وصلها الشعار بمعنى غير مقصود. فإذا استطاعت تحقيق ذلك، تكون قد أدت واجبها تجاه مجتمعها، سواء باستخدام نفس الشعار أو بتغييره.

ليست هناك تعليقات: