الثلاثاء، 17 أبريل 2007

(الإخوان وانتخابات الشورى) هوه ده الكلام ولا بلاش



د. رفيق حبيب : بتاريخ 16 - 4 - 2007

توالت الأحداث منذ الفوز المتميز الذي حققته جماعة الإخوان المسلمين في انتخابات مجلس الشعب عام 2005، بفوزها

بنسبة 20% من مقاعد المجلس، رغم التدخلات الأمنية والإدارية، والتي حرمتها من 40 مقعد إضافة للمقاعد التي حصلت عليها وهي 88 مقعد. تلا ذلك حملة أمنية مكثفة تجاه جماعة الإخوان،ظلت تتصاعد عبر عام 2006، ووصلت لذروتها في نهاية عام 2006، بالقبض على النائب الثاني للمرشد العام خيرت الشاطر ورفاقه، ثم مجموعات أخرى، كان على رأسها عضو مكتب الإرشاد محمد على بشر، وعضو الكتب محمود عزلان. وبات واضحا أن النظام يريد التصعيد مع الجماعة، ويدفع الجماعة للرد على تصعيده، حتى يجد المبرر لمزيد من التصعيد. ولكن الجماعة تعاملت بمبدأ ضبط النفس، حتى ظن البعض أنها بالفعل تأثرت بعمليات الاعتقال ومصادرة الأموال، وهي في الواقع تأثرت مؤقتا، ولكنها فضلت ضبط النفس لأنها قرأت موقف النظام الحاكم قراءة صحيحة، وعرفت أنه يدفعها لتصعيد يستغله. ولكن الأمور تطورت بعد ذلك من خلال عملية التعديلات الدستورية، ورغم أن تلك التعديلات طالت مجمل العملية السياسية، وطالت حتى مجمل الحريات الشخصية لكل المواطنين المصريين، إلا أن التعديلات في العديد من بنودها، خاصة المادة الخامسة التي تجرم المرجعية الدينية، والمواد التي تحاصر العمل السياسي للمستقيلين، مثلت في الواقع عملية حصار دستوري للنشاط السياسي لجماعة الإخوان المسلمين. ومن المهم هنا التأكيد على أن ما يحدث يمثل حصارا للنشاط السياسي للجماعة، أما أنشطتها الأخرى، والتي تمثل الجزء الأكبر من حركتها، فهي خارج نطاق هذا الحصار الدستوري والأمني، لأنها أنشطة يومية يصعب مواجهتها إلا بحرمان الناس جميعا من كل حقوقهم. وتلك الأنشطة يحاول النظام حصارها، وهي الأنشطة الدينية والاجتماعية، من خلال التشويه الإعلامي.في هذا الموقف يصبح قرار جماعة الإخوان بشأن انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، ليس مجرد قرارا في مسيرة عملها السياسي،ولكنه قرار في مرحلة دقيقة من المواجهة بين النظام والجماعة، وفي مرحلة دقيقة أيضا من مراحل المواجهة بين النظام وكل القوى المعارضة في مصر. وهناك أيضا جانب آخر في تلك الانتخابات، فحسب التعديلات الدستورية، لا يمكن ترشيح مرشح مستقل لرئاسة الجمهورية، إلا إذا حصل على 65 توقيع من أعضاء مجلس الشعب، و25 توقيع من أعضاء مجلس الشورى، و140 من أعضاء المجالس المحلية. والجماعة تملك التوقيعات اللازمة في مجلس الشعب، وتبقى التوقيعات اللازمة من أعضاء مجلس الشورى والمجالس المحلية، وانتخابات المجالس المحلية مؤجلة إلى عام 2008. وفي كل الأحوال فهذه المجالس سوف يتم عليها تغيير قبل انتخابات الرئاسة في عام 2011، إلا إذا تمت الانتخابات قبل هذا التاريخ. مع الوضع في الاعتبار، أن رئيس الجمهورية يملك حل مجلس الشعب، وربما يكون المتاح من مقاعد للمستقلين في مجلس الشعب القادم، لا يسمح لجماعة الإخوان أو غيرها من القوى التي لم تحصل على تراخيص رسمية بحزب سياسي، أن تحقق العدد المطلوب للمرشح المستقل.وهنا علينا أن نسأل أولا عن موقف الإخوان من مسألة الترشح لمنصب الرئاسة، فالإخوان في العديد من المواقف يؤكدون على أن مسألة الوصول إلى الحكم بالنسبة لهم مؤجلة. وهو ما تأكد من موقفهم بترشيح عدد لا يزيد على 20 مرشحا في انتخابات الشورى. ولأن دور الجماعة مهم في مجلس الشعب، وفي المجالس المحلية في انتخاباتها القادمة، لهذا تصبح انتخابات مجلس الشورى هي الفرصة المناسبة لتأكيد الجماعة على أنها لا تسعى للمنافسة على منصب رئيس الجمهورية. ولكن علينا بالطبع تحديد أسباب ضرورة عدم سعي الجماعة للمنافسة على هذا المنصب المحوري. وقد يرى البعض أن محاولة المنافسة على منصب الرئيس هي استفزاز للنظام، وهذا صحيح، ولكن لا يكفي ليكون السبب الوحيد. والجماعة ترى أن الوقت ليس مناسبا للتغيير السياسي، وأن عملية التغيير تحتاج لمراحل وعملية تمهيد لجمهور الجماعة السياسية المصرية، حتى يأتي التغيير في ظرفه المناسب. كما أن عملية التغيير تحتاج للحظة المناسبة إقليميا ودوليا، حتى لا تتحول المنطقة لحالة توتر شديد، يصعب السيطرة على نتائجه. وتلك الأسباب في تصورنا هي الجديرة بجعل الإخوان لا يرغبون في التنافس على منصب الرئيس، وتجعل هذا الأمر مؤجل للمستقبل. فمن مصلحة الجماعة المصرية، أن يتم تجهيزها لتكون صاحبة الحق في التغيير السياسي، وتكون بالفعل الأمة هي مصدر السلطات، ويكون لدى الجماعة المصرية الاستعداد اللازم لقيادة عملية التغيير وتحمل تبعاتها. وبجانب هذا، نرى أن المناسب في الحالة المصرية، أن يبدأ التغيير من خلال تحالف واسع للمعارضة، ومرحلة انتقالية تدعم فيها المعارضة رموز سياسية مستقلة، يكون عليها القيام بإجراء التحول الديمقراطي، وتأسيس قواعد العمل السياسي، وترتيب الأوضاع للتداول السلمي للسلطة. وبعدها يبدأ التنافس السياسي الحقيقي، في ظل مناخ ديمقراطي، يسمح للإخوان وغيرهم، بالمنافسة للوصول للسلطة. ويضاف لهذا، أن مشروع جماعة الإخوان المسلمين، ليس مجرد برنامج سياسي، ولكنه مشروع تغيير حضاري، يهدف لنهضة هذه الأمة، وهو بهذا مشروع يحتاج لمراحل تمهيدية متعددة، وليس من مصلحة الجماعة حرق المراحل، وتعجل الوصول للسلطة. لهذا تصبح المشاركة في انتخابات الشورى بعدد يصل إلى 20 مرشحا، دليل على عدم سعي الجماعة لمنصب الرئاسة. وهو ما يعني أن جماعة الإخوان تولي أهمية لعملية الإصلاح والتغيير السياسي، كمقدمة لتداول السلطة.

ليست هناك تعليقات: